المستقلين
Take a fresh look at your lifestyle.

واقع السياسات التعليمية في ألمانيا وإمكانية تطبيق التجربة فى مصر

0

بقلم/ دكتـورة رانــدا إبـراهيــم

أستاذ زائر بالأكاديمية العربية للعلوم المصرفية والإدارية

 

الإيجابيات الألمانية في ظل التنافس العالمي بين مؤسسات التعليم الفني وكيف تستفيد مصر من التجربة الألمانية

 

سياسات إصلاح التعليم في ألمانيا:
العلم نور يضيء طريق الأمم نحو التقدم والرقي، حقيقة يعلمها الجميع. فالدول المتقدمة في العالم لم تصل إلي التقدم إلا عن طريق الاهتمام بالتعليم، وتوفير كافة الإمكانيات اللازمة. فالدولة لا تنمو اقتصادياً بدون تعليم جيد، وأن التعليم هو سبب نجاح التجربة الألمانية حيث توفر الحكومة الألمانية جزءًا من ميزانيتها على تمويل التعليم التّقني والفني الذي يُعتبر عصب ألمانيا، وقامت الحكومة بعمل نظام يمكِن الطلاب من التدريب العملي على أرض الواقع، فتقوم الشركات المُتعاقدة مع الجهات المحلية على تمويل التدريبات في المواقع، وتقوم الحكومة أو الجهات المحلية بتمويل التعليم المدرسي، وهذا النظام يعتمد على اقتصاد الدولة، فإذا انهار الاقتصاد فسينهار ذلك النظام الذي تم تسميته بالنظام الثُنائي.

التعليم التّقني يشغل نحو 75% من إجمالي التعليم في ألمانيا، فقوة اقتصاد ألمانيا نابع من الاهتمام الدائم بذلك التعليم، وأن ألمانيا تعمل على تعليم طُلابها الحرف والتدريب الواقعي لسوق العمل بداية من المرحلة الثانوية، وبذلك يستطيع الطالب في خلال  5-6 سنوات أن يمتلك القدرة على إدارة مشروعه الخاص، والعمل في وظائف مهنية تهدُف في الأساس لتطوير الاقتصاد.

المعاهد والمدراس المهنية والتقنية في ألمانيا

المدرسة المهنية

أهم ما يُميز تلك المدرسة هو وجود الطلاب بداخلها يستطيعون اختيار الحرفة المُناسبة لهم، التي يجدونها ملائمة لهم، ويمكثون في تلك المدرسة من 9 إلى 11
ساعة أسبوعياً. وبخصوص ما يتعلمه التلاميذ في تلك المدرسة، فهي لا تقتصر على الحرفة التي قاموا باختيارها، بل يتعلمون فيها اللغة الألمانية والتعاليم الدينية، ويمارسون الرياضة لتقوية أجسامهم. ويقوم الطلاب بدراسة تلك المواد التي سبق لنا ذكرها بجانب حرفتهم مرة واحدة في الأسبوع وبعد وصول الطالب سن الثامنة عشر من عمره يتخرج من تلك المدرسة ويحصل على شهادة تُفيد بأنه قد أنهى تعليمه بها، ومن هنا يمكنه أن يبدأ العمل كمهني مُتخصص في الحرفة التي تعلمها، وذلك بالطبع بعد أداء الامتحان النهائي بعد نهاية التدريب.

المدرسة المهنية العليا

تُعتبر في الأساس مدرسة تكميلية أو مُكملة للمدرسة المهنية، وذلك لأن الطُلاب الذين يتخرجوا منها يقومون بالإشراف على العمال في المصانع، وهذا بالتأكيد ليس يعني أنهم يدرسون الإدارة فقط بل أنهم يقومون بدراسة أشياء كثيرة كأعمال الخشب والمعادن والبناء، وغيرها من المِهَن حتى يكونوا مؤهلين للإشراف على العُمال، ويستمر الطالب في تلك المدرسة قُرابة العامين.

 

المدرسة الفنية

في تلك المدرسة يؤهلون الطُلاب للالتحاق بالكليات التقنية المُناسبة لمجالهم، حيث تُعتبر مدرسة إعداد وتمهيد للكلية التقنية.

وتم تقوية العَلاقة بين مراكز البحوث والجامعات وبين القطاع الخاص، وبث قنوات تليفزيونية وإذاعية حكومية، وتخصيص 60% من برامجها لتعليم القراءة والكتابة، ومحو الأمية الوظيفية والمعلوماتية من خلال الاهتمام بالتعليم الفنى.

إن نجاح السياسات التعليمية في ألمانيا أدى إلى أن يحقق الاقتصاد تراكمًا كبيرًا من رأس المال البشري الذي هو عمود التنمية وجوهرها. وأن اهتمام الحكومة الألمانية بالتعليم الفني هو الطريق لاكتساب الخبرات العلمية اللازمة للحياة العملية وسوق العمل، وهو الذي يمد الدولة بخريجين متخصصين فى المجالات الفنية التي يحتاجها القطاع الصناعي والزراعي والتجاري.

فالتعليم الفني يلعب دورا مهما في تنمية البلاد، لذلك يجب أن يحظى بمزيد من الاهتمام للحصول على عمالة متعلمة ومدربة. وأن رسالة التعليم الفني هي إعداد الفني المتطور المناسب والمطلوب لسوق العمل الداخلي والخارجي في المجالات التجارية والزراعية والصناعية والفندقية. ويُعد طالب التعليم الفني من أهم الآليات التي تساهم في مواجهة البطالة، وتحقيق وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد.

 

كيف تستفيد مصر من التجربة الألمانية؟

إن نجاح أي نظام تعليمي يعتمد بدرجة كبيرة على التخطيط المرتكز على تطوير الطاقات البشرية وترقية ملكاتهم الفكرية ومهاراتهم الذهنية وخبراتهم العملية، فهي القوة المفكرة والمبدعة والمنتجة، فبهم يبدأ التطوير وإليهم ينتهي التنفيذ. ولعل ما حققته ألمانيا من نمو اقتصادي وصناعي واجتماعي مطرد يعكس بوضوح مدى استثمارها للعنصر البشري وتطوير قدراته ومهاراته لاستيعاب التقنيات الحديثة وعدم الوقوع في فخ المعضلات المتعلقة بإفرازاتها السالبة. فأصبحت من الدول المتقدمة تعليمياً حيث تميز نظامها التعليمي بالانفتاح على النظم التعليمية المتطورة فاستفادت من تجاربه، ولم يقف الأمر عند ذلك، بل تعداه إلى التطلع إلى جعل ألمانيا عاصمة معلوماتية.

ويجدر بالقائمين على التربية والتعليم الفني في مصر الوقوف على هذه التجربة والاستفادة منها خاصة وأنها تتناسب مع واقعنا الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وما نتطلع للوصول إليه فى مراحل التعليم المختلفة.

ومما يجب الاستفادة منه في هذا المجال ما يلي:

1- تطوير المناهج التعليمية للتوافق مع متطلبات الألفية الجديدة وليكن تطويراً متكاملاً بما تعنيه كلمة التطوير وليس تغييراً جزئياً أو شكلياً.

2- المُعلم حجر الزاوية في العملية التعليمية، لذا يجب إعادة النظر في برامج إعداده وتدريبه في ضوء متطلبات المرحلة القادمة.

3- تشجيع البحث العلمي ودعم الباحثين والاستفادة من نتائج البحوث والدراسات الميدانية في تطوير العملية التعليمية بكل عناصرها.

4- توثيق العلاقة بين المؤسسات التعليمية والوسائل الإعلامية وتوظيفها والاستفادة من تقنياتها بما يحقق أهداف التربية.

5- دعوة القطاع الخاص للمساهمة في تمويل البرامج التعليمية والنشاطات المدرسية المختلفة.

6- العناية بالبيئة المدرسية بكل مقوماتها.

7- إعادة النظر في برامج النشاط المدرسي وأساليب تنفيذه في المدارس والاستفادة من التجارب الرائدة في هذا المجال.

وأخيرًا، إذا أردت العلم اذهب إليه حتي لو كان في الصين وكانت الاستفادة كبيرة فيما يتعلق بأخلاقيات العمل والتطور التقني والتميز في المجال الصناعي.

Leave A Reply

Your email address will not be published.