مي محمد ممدوح عبدالله تحصل على الدكتوراه من كلية الحقوق – جامعة القاهرة عن أطروحتها “السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب المعاصر”
كتب/ سمير محمد شحاتة
Related Posts
حصلت الباحثة مي محمد ممدوح عبدالله قايد على درجة الدكتوراه من كلية الحقوق – جامعة القاهرة بتقدير “جيد جدًا”، عن رسالتها المعنونة “السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب المعاصر”.
أشرف على الرسالة الأستاذ الدكتور/ حسنين إبراهيم صالح عبيد “أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وعميد الكلية الأسبق، ونائب رئيس الجامعة الأسبق”، وناقشها كل من: الأستاذ الدكتور/ عمر محمد محمد سالم “أستاذ القانون الجنائي بكلية الحقوق-جامعة القاهرة، وعميد الكلية الأسبق، ووزير الشئون القانونية والمجالس النيابية الأسبق”، والأستاذ الدكتور/ علي محمود علي حمودة “أستاذ القانون الجنائي ومستشار أكاديمية شرطة دبي”.
تطرقت الرسالة إلى تناول موضوع في غاية الأهمية، وهو “السياسة الجنائية لمواجهة الإرهاب المعاصر” .. فقد ألزم الدستور المصري الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، باعتباره تهديداً للوطن والمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة، وترك للقانون كيفية تنظيم أحكام وإجراءات مكافحته.
لذلك لجأ المشرع المصري إلى مواجهة الظاهرة الإجرامية للإرهاب بنصوص سريعة وحاسمة، فأصدر القانون رقم ٩٧ لسنة ١٩٩٢ بتعديل بعض نصوص قانون العقوبات، وآثر المشرع المصري سابقاً أن يدخل الأحكام الجديدة ضمن قانون العقوبات بدلاً من إصدار قانون مستقل للإرهاب، وذلك على أساس أن قانون العقوبات هو إحدى الأدوات التي تسهم في مواجهة الإرهاب، من خلال عقوبات رادعة وإجراءات سريعة وحاسمة تلتزم باحترام الدستور وسيادة القانون، فضلاً عن أنه القانون العام للتجريم والعقاب.
وعقب ثورتي (25 يناير 2011) و(30 يونيو 2013)؛ زادت هذه الجرائم بصورة رهيبة مع استحداث صور جديدة ومختلفة للجريمة الإرهابية لم تكن موجودة من قبل؛ فكان يتحتم على المشرع التصدي لهذه الجرائم وصورها المستحدثة بعقوبات أشد، لذلك قرر وضع قانون منفصل عن قانون العقوبات المصري؛ يتناول فيه كافة الجرائم الإرهابية وصورها المستحدثة، وبناءً على ذلك فقد صدر القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن مكافحة الإرهاب، تناول المشرع فيه كافة أنواع الجرائم الإرهابية التقليدية وغير التقليدية.
ويُعد الإرهاب جريمة من أبشع جرائم هذا العصر، حيث إنه يقوم بتدمير المُمتلكات العامة والخاصة، كذلك يروع الآمنين ويقوض دعائم الاستقرار والأمن اللذين هما عماد الاستقرار والطمأنينة لكل أفراد المجتمع، فقد تغير إرهاب العصر الحديث عن إرهاب الأمس القديم، وتطورت الجريمة حتى أصبحت ظاهرة، أفرغت أسباباً ودوافع جديدة، وأساليب ووسائل حديثة، كما أنه أفرز أفراداً وجماعات ومُنظمات، وزادت الابتكارات وتنوعت الأعمال التي يقوم بها الإرهابيون، فقد ارتقت أساليب التنفيذ وتنوعت العمليات وتعددت أساليب المواجهة، فأصبحت جرائم الإرهاب تشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار الأفراد والمُجتمعات والدول، باعتبارها أحد أشكال الصراع السياسي غير المشروع على المستوى الوطني.
وقد استشرى خطر الجرائم الإرهابية وتشابكت حلقاتها وهددت دعائم الاستقرار في بعض الدول التي عجزت عن مكافحتها وتسببت في هدم نظم الحكم وتشريد مواطنيها، ولذلك كانت الغاية الأسمى للدولة، هي المحافظة على بقائها، ومحاربة الإرهاب البغيض وحفظ الأمن والأمان لمواطنيها، وهنا يجب أن أتقدم بتحية مملوءة بأسمى آيات التقدير والاعتزاز، إلى أرواح الشهداء الأبرار تلك الشموع المضيئة، التي اختارت الخلود في السماء، على البقاء في الأرض، من أجل الهدف الأعظم وهو بقاء مصر مرفوعة الرأس.
وانطلاقاً من سياسة الدولة المصرية في مواجهة الإرهاب، لم يقف المشرع المصري مكتوف الأيدي أمام ذلك الخطر الداهم، فانتهج سياسة جنائية مشددة، فأدخل جرائم جديدة لم تكن موجودة من قبل في القانون رقم 97 لسنة 1992، كما شدد عقوبات جرائم أخرى قائمة لأنها تساعد على مقارفة الجرائم الإرهابية.
وتتسم السياسة التجريمية في قانون مكافحة الإرهاب بالتوسع في التجريم، والأخذ بالبعد الوقائي عبر تجريم أفعال تعد حاجزاً وسياجاً قبل ارتكاب الفعل الإرهابي، حيث توسع في تجريم أنواع تلك الجرائم، بحيث تكفل استيعاب النماذج الإجرامية المستحدثة في مجال الأعمال الإرهابية، على ضوء ما أفرزته الساحة الدولية والإقليمية والمحلية من صور النشاط الإرهابي، واعتماده على وسائل التقنية الحديثة في كثير من الأحوال.
كذلك انتهج المشرع سياسة عقابية تعتمد على العقوبات القاسية، وذلك من أجل الردع والصرامة في حال ارتكاب مثل هذه الجرائم؛ ويُعد هذا تأكيداً على اهتمام المشرع بمحاولة استئصال جذور الجرائم الإرهابية، والتي تبدأ بتكوين التنظيمات الإرهابية وتنتهي بالفعل الإجرامي والمتمثل في الجريمة الإرهابية.
وانتهت الدراسة إلى الوصول لعدد من النتائج جاء من أهمها:
-
اعتمدت السياسة الجنائية للمشرع المصري في مكافحة ظاهرة الإرهاب على تشديد العقاب دون البحث في مدى توافق هذا التشديد مع شخصية الجاني.
-
إن حماية حقوق الإنسان وتعزيزها في إطار سيادة الدستور والقانون يُعد أمراً في غاية الأهمية لمنع انتشار الإرهاب، لأنه غالباً ما ينتشر في البلدان التي تنتهك حقوق الإنسان، مما يسهل للإرهابيين استغلال هذه الانتهاكات لكسب أكبر عدد من الأفراد وإغوائهم للانضمام للجماعات الإرهابية، ودفعهم للقيام بالعمليات العدائية ضد أوطانهم.
-
يعتبر الإرهاب الإلكتروني من المفاهيم المعقدة والخطيرة لاعتبارات عدة؛ منها ما يتصف بالتعقيدات الفنية الناجمة عن ثورة التقنيات والمعلومات، ومنها ما يتصل بقدرة الجماعات الإرهابية علي استغلال وسائل الاتصال الرقمي في الوصول إلي شرائح متعددة ومختلفة من الأفراد لنشر فكرها المتطرف، ويندرج هذا النوع من الإرهاب ضمن صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
-
اعتبر المشرع الاتفاق الجنائي جريمة قائمة بذاتها، وقد اتسمت المعالجة التشريعية للنص ببعض العيوب والمآخذ التي لاحقت جريمة الاتفاق الجنائي في قانون العقوبات، والتي سبق الحكم عليها بعدم الدستورية، المتمثلة في عدم تناسب الجزاء مع الجرم المقترف.
كما توصلتُ الدراسة إلى عدة توصيات من أهمها ما يلي:
-
إن تعريف العمل الإرهابي لا يقتصر على استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في ارتكاب الجريمة الإرهابية، حيث قد تُرتكب الجريمة الإرهابية وتُحدث آثارها التدميرية بدون استخدام القوة، كما يحدث في الجرائم المصرفية؛ لذا يلزم عدم اقتصار العمل الإرهابي على استخدام القوة أو العنف.
-
يلزم أن تكون سياسة المشرع الجنائية في مكافحة ظاهرة الإرهاب لا تعتمد فقط على تشديد العقاب وإنما تمتد لتشمل البحث عن أسباب الإرهاب ووسائل التصدي لها، وما يؤدي إلى انضمام الفرد للجماعات الإرهابية، والعمل على مكافحة هذه الأسباب.
-
ابتكار أنظمة دفاعية لتأمين شبكات الإنترنت ووضع ضوابط وآليات انضباطية للسيطرة عليها، لقطع الطُرق على الجماعات الإرهابية وحماية المجتمع من سمومها التي تُبث عبر تلك الشبكات.
-
إجراء تعديل تشريعي لجريمة الاتفاق الجنائي باعتبارها جريمة قائمة بذاتها والواردة بالمادة (30) من قانون مكافحة الإرهاب؛ لتفادي الحكم بعدم دستوريتها لما يتوافر في النص من مآخذ قد واجهتها المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر بعدم دستورية جريمة الاتفاق الجنائي الواردة بالمادة (48) من قانون العقوبات.
ولا يُخفى، أن الدولة واجهت الجريمة الإرهابية بكافة أدوات قوتها الشاملة على مدار السنوات الماضية، الذي نجحت قوات الجيش والشرطة البواسل في محاصرته وكسر شوكته أو محاولات بث عدم الاستقرار والفوضى التي لفظها هذا الشعب العريق، وبالتوازي، كان علينا أيضًا مواجهة التحدي الآخر والأكبر الذي تمثل في بناء الوعي والإدراك الواقعي بحقيقة الظروف في مصر وسبل حل مشكلاتها والشروع في عملية تنمية شاملة للارتقــاء بكافــة مناحي الحيـــاة في كل ربوع وطننا العزيز “مصـر”.
وفي الختام توجهت الباحثة بالشكر لكل من تفضل وتكرم بالحضور اليوم وبصفة خاصة:
-
اللواء دكتور/ أشرف لاشين، مدير كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة.
-
وكلا من الدكتور/ إيهاب رمزي، والعمدة/ عثمان عبدالرحمن أعضاء مجلس النواب.