منذ عدة سنوات ونحن نتابع مصداقية بعض رجال الأعمال أصحاب المشروعات الكبرى والذين اكتسبوا شهرتهم فى عصر مبارك وتحديدا فى السنوات الأخيرة من حكمه والتى كانت مناخًا جاذبًا للمستثمرين الذين احتكروا الأسواق حتى أصبحت مفاصل الدولة فى قبضتهم، ومنهم على سبيل المثال رجل الأعمال أحمد عز، فهو رجل الحزب الأول وأحد مموليه. تمادى رجال الأعمال فى سطوتهم حتى لفظهم الشارع المصرى ومعهم نظام الحكم بالكامل حتى وقع بعضهم تحت طائلة القانون واستمر الباقى فى أعماله لعدة سنوات متخفيين وراء ستار ظنا منهم أنهم أصبحوا دون رقابة ولكنهم لا يعلمون أنها مسألة وقت للحصول على المعلومات الكافية لإدانتهم مثل الآخرين.
وقد لاحظنا ذلك مع العديد من رجال الأعمال أصحاب المشروعات الكبرى مثل جهينة، والتوحيد والنور، وقناة المحور، وأخيرا محمد الأمين صاحب أكبر القنوات الإعلامية. وقد يذكرنا ما حدث لهم جميعا بمقولة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن لا أحد فوق القانون، وقد جاء وقت الحساب حتى وإن طال الحساب مكتب وزيرة الصحة.
أما الأمر الغريب الذى طال انتظاره طويلا فهو حساب أباطرة النصب العقارى وقد تصورنا فى وقت من الأوقات أنهم لن يحاسبوا نظرا للنتائج التى يترتب عليها القبض على هؤلاء الأباطرة من ضياع لحقوق الملاك الذين وثقوا بهم وأودعوا كل ما يملكون لحجز وحدات لدى شركات هؤلاء الأباطرة، ولكن الصدمة كانت كبيرة، خاصة وأن الدولة تركتهم فترة زمنية كبيرة دون حساب أو عقاب على الرغم من صدور العشرات من الأحكام عليهم سواء بالسجن أو الغرامة نتيجة عدم مصداقيتهم فى الوعود.
ولو تناولنا أحد الأمثلة لهؤلاء المستثمرين نجد أكبر عمليات النصب قد تنحصر فى مدينة رأس سدر. وتبدأ عملية النصب فيها بإعلان عن توافر وحدات فى القرى السياحية بأقل مقدم وبالتقسيط على سنوات طويلة مما يجعل المالك أكثر حماسا ويسارع بالحجز على أن يكون الاستلام بعد سنتين أو ثلاثة على الأكثر لكى يفاجأ بعدم وجود بناية بعد طول الانتظار طوال هذه السنوات ليدخل فى دوامة التقاضى مع الشركة لكى يصل الأمر إلى أن يتمنى المالك استرداد الأموال التى دفعها حتى وإن كانت بالتقسيط وبدون فوائد.
لم تكتف هذه الشركات بذلك وإنما تطالب من يرغب فى الاستمرار معها أن يسجل ملحقا بالعقد يقر فيه بدفع المزيد من الأموال قد تصل إلى ضعف ثمن الوحدة. وتكررت هذه الظاهرة مع الآلاف من الضحايا خاصة فى مدينة رأس سدر حتى تقدموا بالعديد من الشكاوى لدى الجهات المسؤولة وعلى رأسهم هيئة التنمية السياحية ولكن دون جدوى فتيقن المتضررين أنه ليس هناك أمل خاصة بعد تصعيد الموقف إلى أعلى المستويات دون حراك. حتى جاء التوقيت المناسب، وتم القبض على أحد هؤلاء الأباطرة الذى كان يظن دائما أن لن تطوله يد القانون ولكنه الآن يترحل من سجن إلى آخر لكثرة القضايا المرفوعة عليه من شتى المحافظات. فقد أعطى هذا النصاب مثالاً لكل من تسول له نفسه أن يعبث بقوت الشعب فى عصر الرئيس السيسى الذى صدق الوعد بأن الكل سوف يحاسب، وأقسم على ذلك، وها نحن الآن نرى تنفيذا على أرض الواقع.
وفى الحقيقة لابد وأن نبتعد عن النظرات التشاؤمية لأنها قد تجرفنا إلى حالة من إنعدام الثقة فى كل المستثمرين ولكن الواقع لا يزال يحمل لنا الكثير من الخير، فعلى الرغم من وجود هؤلاء المستثمرين النصابين فى حياتنا إلا أن هناك آخرين يعملون فى صمت من أجل بناء الدولة الحديثة ورفع كفاءة البناء والتطوير العقارى فى مصر، ومثال ذلك شركة “طيبة” أو “لافيستا للتطوير العقارى” تلك الشركة التى أعطت مثالا للمصداقية والاحترام والرقى والالتزام فى التعامل مع الملاك، فكل من تعامل معها قد أثنى عليها لدرجة أن العاملين فى الشركة تربطهم علاقة حب لأصحابها لما يقدمونه لهم من مساعدات واهتمام. وهذا ما يجعلنا أن نطمئن.
فمصر دائما بخير فى ظل وجود هؤلاء المستثمرين الوطنيين الذين تفخر بهم بلادنا.